قراءات

  • تاريخ المقال : 08/05/02015
  • عنوان المقال : القدس بين الحقائق والاساطير
  •  القدس- في الرؤية الإسلامية- ليست مجرد أرض محتلة، ومدينة مغتصبة.. وإنما هي- مع ذلك وفوقه وقبله وبعده- جزء من العقيدة الدينية الإسلامية- فضلًا عن الحضارة والتاريخ-.. ذلك لأنها حرم مقدس، ربط القرآن الكريم بينها وبين الحرم المكي عندما تحدث عن معجزة الإسراء والمعراج:

     

    "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" (الإسراء: 1)

     

    فهي- في الدين والعقيدة- أولى القبلتين.. وثالث الحرمين.. وحرمها مع الحرم المكي والحرم المدني يمثلون المساجد الثلاثة التي تنفرد بشد الرحال للصلاة فيها.. ورباطها المقدس مع الحرم المكي هو الرمز المجسد لعقيدة وحدة الدين الإلهي الواحد، عندما ارتبطت القبلة الخاتمة- الحرم المكي- بقبلة النبوات السابقة- الحرم القدسي الشريف-..

     

    ولقد تجلت هذه المكانة المقدسة للحرم القدسي الشريف عندما عاملها المسلمون- على مر التاريخ- معاملة "الحرم" الذي لا يجوز فيه القتال.. فالحرم المدني فُتح بالقرآن.. والحرم المكي فُتح سلمًا، حتى لقد دخله الرسول الفاتح صلى الله عليه وسلم يوم الفتح الأكبر ساجدًا على راحلته شكرًا لله.. والحرم القدسي حرص المسلمون على فتحه سلمًا وصلحًا، وجاء فتسلم مفاتيحه الراشد الثاني الفاروق عنر بن الخطاب (40 ق.هـ- 23 هـ/ 584- 644م).. ولقد سار على هذه السنة صلاح الدين الأيوبي (532- 589هـ/ 1137- 1193م) عندما استردها من الصليبيين (583هـ 1187م).. بعد ما يقرب من تسعين عامًا احتكروها فيها وانتهكوا حرمتها وقد سبقها..

     

    ولقد كان القدس الشريف- على مر تاريخ الصراع بين الغرب الصليبي والشرق الإسلامي- هو رمز هذا الصراع.. وهو بوابة الانتصارات.. حتى لقد لخص الشاعر العماد الكاتب (519- 597هـ/ 1125- 1201م) هذه الحقيقة من حقائق إستراتيجية هذا الصراع، عندما قال لصلاح الدين الأيوبي:

     

    وَهَيَّجْتَ للبيت المقدس لوعة *** يطول بها منه إليك التشوق

     

    هو البيت، إن تفتحه، والله فاعل *** فما بعده باب من الشام مغلق